القسم الأول من الشبهات:
الشبه حول دلالة الحديث على تحريم المعازف :
( روى ابن ماجة هذا الحديث عن أبي مالك الشعري بلفظ " ليشربنّ ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها يـُـعزف على رؤوسهم بالمعازف والمغنيات يخسف الله بهم الأرض ويجعل منهم القردة والخنازير " وكذلك رواه ابن حبان في صحيحه والبخاري في تاريخه .
وكل من روى الحديث من غير طريق هشام بن عمار , جعل الوعيد على شرب الخمر والمعازف إلا مكملة وتابعة .
وبهذا لا يصلح الإستدلال به على تحريم الغناء )
الــــــرد : هذا خطأ ؛ ذلك لأن حديث هشام بن عمار في صحيح البخاري قد ثبت من طرق أخرى صحيحة عند البيهقي و أبي بكر الإسماعيلي وغيرهما من طريق بشر بن بكر .
قال العلامة ابن حجر العسقلاني في كتابه ( تغليق التعليق ) : " إن الحديث لم ينفرد به هشام بن عمار ولا كما ترى , قد أخرجناه من رواية بشر بن بكر عند شيخ صدقة" انتهى .
فقد أخرجه الحافظ ابن حجر من طريق الحسن بن سفيان قال : حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم - هو دحيم - حدثنا بشر بن بكر , حدثنا ابن جابر , عن عطية بن قيس قال: قام ربيعة الجرشي في الناس , فذكر حديثا ً فيه طول قال : فإذا عبد الحمن بن غنم الأشعري , قال يمين حلفت عليها , حدثني أبو عامر أو أبو مالك الأشعري , والله يمينا ً أخرى , حدثني أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف "
( والحسن بن سفيان ثقة . ) انظر ميزان الإعتدال ( 1/492) , سير أعلام النبلاء ( 27/170)
(وعبد الرحمن بن إبراهيم - هو دحيم - : ثقة حافظ متقن ). انظر سير أعلام النبلاء ( 22/129) , تقريب التهذيب ص 335
(وبشر بن بكر : ثقة ). انظر : الجرح والتعديل ( 2/352) , الكاشف (1/267)
( وعبد الحمن بن يزيد بن جابر : ثقة ) انظر الكاشف ( 1/148) , تقريب التهذيب ص 353
( وعطية بن قيس : ثقة ) . انظر تقريب التهذيب ص 393
وأما الرويات التي ذكرت عن ابن ماجة وابن حبان والتاريخ الكبير , فأسانيدها كلها ضعيفة , فكلها من طريق راو ٍ مجهول , هو مالك بن أبي مريم , فكلها ضعيفة كالعدم .
بل إن الإمام ابن حزم - الذين يستشهدون بكلامه - قد صرح بنفسه جهالة مالك ابن أبي مريم. انظر رسائل ابن حزم ص 435
وكذلك ضعفه الإمام الذهبي . انظر ميزان الإعتدال ( 3/428)
ويجب حينئذ ٍ العمل بحديث البخاري ؛ لصحته وقوة ثبوته ؛ فالعمل بالحديث القوي هو الذي يتعين علينا , أما الضعيف الذي يرويه مجهول ؛ فإنه يهمل ولا يلتفت إليه ؛ لأنه كالمعدوم .
يتبع